Wednesday, January 15, 2014

The Hollywood Reporter - Archive

Amal: Film Review


The award-winning documentary film director Nujoom AlGhanem centers on the professional and personal struggles of a Syrian actress who has chosen to immigrate to Abu Dhabi.

Amal by Emirati documaker Nujoom Al Ghanem takes some time to find its footing, but eventually succeeds in getting the viewer involved in the professional and personal struggles of a Syrian actress who has chosen to immigrate to Abu Dhabi. The film has a surprising frankness in discussing the outsider status that dogs foreign residents in the wealthy Emirate, even a middle class émigré like Amal Hawijeh. Her warm, free-flowing spirit lifts the topic out of sociology into an emotional realm where festival viewers in particular should find common ground.  The film won the Muhr Emirati main award at the Dubai Film Festival.
Though it’s a bit of a thin subject for a feature length film, Al Ghanem is clever about dosing out info on the protag’s background a drop at a time.  She’s introduced as the easy-going, 40-something editor of an online childrens’ magazine; her passion for avant-guarde theater and the fact that she’s well-known in her native Syria is not immediately unveiled. She moved to Abu Dhabi in 2003 after being recruited as the star of an Emirati TV show for kids, then found herself out of work but still yearning to realize her dreams of art and culture that brought her there in the first place.
Ironically, while local authorities do their best to contrast the image of Abu Dhabi and Dubai as heartless, soulless cities of soaring glass and steel, Amal candidly reveals how difficult the place really is to penetrate on a human level.  What could have been a simple tourism film produced by the Abu Dhabi Music & Arts Foundation turns into a far more ambiguous portrait of a sunny, rich, futuristic world where opportunities abound but where foreigners are largely excluded from local social life. 
Amal herself comes across as a terrific person anyone would like to spend quality time with. Her ironic, introspective voice-over narrates the entire film, describing how she feels like “a transient passer-by in other’s lives.” She remarks on the lack of cultural and media freedom, but underlines her physical freedom as a foreign woman in the Emirates.  It comes as a surprise to find out she has a Palestinian-Syrian husband in Greece who cares for her and who she sees off and on. With great hesitation, she contemplates returning to Syria, and the last scenes carry a whiff of current events and the Arab Spring.
Venue: Dubai Film Festival (Muhr Emirati competition)

Production company: Abu Dhabi Music & Arts Foundation in association with Nahar Productions

Director: Nujoom Al Ghanem
Screenwriters: Nujoom Al Ghanem, Amal Hawijeh
Producer: Nujoom Al Ghanem, Muna Al Ghanem
Director of photography: Majdi Merza
Editor: Fadi Haddad
Music: Mehdi Tolouei
Sales Agent: Abu Dhabi Music & Arts Foundation



http://www.hollywoodreporter.com/review/amal-film-review-274257

عن ديوان "ملائكة الأشواق البعيدة" - أرشيف

http://www.albayan.ae/albayan/newsite/images/header9.gif

2008-09-28 00:13:56 UAE

ملائكة الأشواق البعيدة

هناك ما يستوقف القارئ في كتاب «ملائكة الأشواق البعيدة» للشاعرة نجوم الغانم منذ العنوان الخارجي وهو يتعلق بقضية الجنس الأدبي الذي تنتمي إليه نصوص الكتاب.
إذ إن الشاعرة أغفلت على غلاف الكتاب ذكر نوع الجنس الأدبي الذي تنتمي إليه هذه الكتابة ما يجعل أفق التلقي عند القارئ مفتوحا على احتمالات تعفي تلك النصوص من التصنيف والتحديد الأولي. لكن حواشي الكتاب الأخرى أو ما يعرف بالنص الموازي أو النص الصغير الذي يحيل على النص الكبير وفق تعبير جينيت تأتي لتشكل عتبة قرائية بالغة الدلالة والإيحاء بمضمون هذه النصوص والتجربة التي تقدمها والتي تتمحور بصورة أساسية حول علاقة الحب مع الآخر/ الرجل وما تتسم به من شعور طاغ بالغربة والحزن والشوق، وإن حاولت الشاعرة في نصوصها أن تنوع في استخدام ضميري المفرد المؤنث الحاضر والمفرد المؤنث الغائب في الغالب وكأنها تستحضر حكايات نساء تتقاطع معها في المعاني والمضمون والتجربة.


قراءة في عتبات النص

في بداية الكتاب تهدي الشاعرة نصوص هذا العمل(إلى الحياة...حتى عندما تقسو) ما يدلل على مضمون الرؤية التي تحفل بها نصوص العمل إلى الحياة التي لم تكن رحيمة وطيبة من جهة، ومن جهة ظلت على الرغم من ذلك تحمل قيمتها الوجودية في ذاتها تعبيرا عن التمسك بوجودنا فيها وايماننا بالحياة.

ثم تأتي الإشارة في الصفحة التالية لتشير إلى بداية زمن هذه النصوص مع تحديد الوقت واليوم والتاريخ لكن اللافت فيها هو التزاوج بين اللغة المجازية واللغة التقريرية في لغة ذلك التقديم الذي يحدد زمن الكتابة بصباح الثامن من ابريل 2005.

يحمل عنوان الكتاب دلالات تنطوي على معنى وجداني عاطفي يدل على التوق الشديد واللهفة، ويمكن ملاحظة الوظيفة الشعرية لهذا العنوان من خلال تعالقه مع العناوين الداخلية المحورية وعناوين النصوص، فالعنوان المحوري الأول على سبيل المثال «الصمت ولا شيء سواه» يوحي بخلاف ما تعبر عنه نصوص هذا العنوان من بوح ومكاشفة وتعبير عن حالة الغربة والحزن والغياب والفقد الذي تعيشه أنا المؤنث المتكلم، في هذا الخطاب المسكون بالمرارة والألم والإحساس بالخذلان والفقد في علاقتها مع الآخر/ الحبيب، إذ يشكل خطاب الحب المخذول والحزين وما ينجم عنه من شعور مرير بالغربة والوحشة والمكابدة محور هذه التجربة وفضاءها.

خطاب الشوق والفقد والغياب


تتباين شعرية هذه النصوص بين قصيدة وأخرى وفق ترتيب العنونة المحورية فالقصائد الأولى التي يشتمل عليها العنوان المحوري الأول «الصمت ولا شيء سواه» تتميز ببنيتها القائمة على الاقتصاد اللغوي الشديد واستخدام مفردات معجم شعري تتكرر في أكثر نصوصها مثل مفردات المطر والبحر والموجة والعتمة أو الليل والشاطئ والظلال والأشجار:

(سأدع كل شيء في مكانه وحتى الغبار الذي تكدس فوق الأشجار لتعرف هي أيضا/ كم تتألم أجسادنا حين لا يمسها أحد) بينما نصوص العنوان المحوري «ارتجافات الهواء الموجعة» تتميز بطولها لاسيما في القصيدة الأولى ذات العنوان الطويل مما يكشف عن التعالق بين بنية العنوان وبنية النص على مستوى البنية اللغوية والبنية الدلالية إذ يكثف العنوان مضمون التجربة التي يتحدث عنها النص وهي تجربة الغربة والوحدة التي تعيشها الذات المتكلمة في غرفة وحيدة موحشة في مدينة استوائية غريبة.

في حين تتكرر مفردات المعجم الشعري كالمطر والليل والأشجار والعتمة والبحر والنهر والحديث عن الفراق والصمت ومرارة الخيبة وإذا كانت حركة الخطاب على المستوى المكاني تتجه من الداخل «المكان المغلق ـ الغرفة» نحو الخارج ممثلا بمنظر العصافير وهي تحلق خفيفة في الفضاء.

فإن حركة الخطاب على مستوى الذات تكون نحو الداخل وعلى المستوى الزمني من الحاضر زمن الخطاب نحو الماضي الذي هو ماضي الأصدقاء والحب وماضي الماضي المسكون بكل تلك الأحزان والألم والغياب واللوعة القاسية فالنصوص تقوم التداعي واستعادة الذكريات والوجوه والحالات والأفكار التي يولدها شعور اللحظة الموحشة بالغياب.

وتنفرد نصوص «ليالي الحنين والعتمة» باستخدام ضمير الغائب حيث يتولى الراوي الحديث عن المرأة التي تعيش هي الأخرى تجربة عشق مريرة تنتهي بالفقد والهجران ولعل العنوان بما يحمل من معنى ودلالة يشي بمضمون تلك التجربة التي تتقاطع مع نصوص الكتاب الأخرى من حيث الحالة والمضمون والمكابدة القاسية بوجعها وغيابه.

مفيد نجم

الكتاب: ملائكة الأشواق البعيدة

تأليف: نجوم الغانم

الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2008

الصفحات: 182 صفحة

القطع: المتوسط




عن تجربة نجوم الغانم







الدهشة و الحيرة في تأمل العالم و الذات
قراءة في تجربة الشاعرة الإماراتية  نجوم الغانم
                                                           د.رمضان بسطاويسي محمد

 October 25, 2009 

         تتضمن بعض النصوص الشعرية العربية الراهنة تجربة روحية و وجودية تتطلب قراءة موازية لها للكشف عن التجربة الإنسانية المتضمنة فيها التي تبلغ من عمقها أنها تحيطها هالة من الغموض غير المستغلق ، النابع من تجربة حقيقية يصعب تسطيحها ، فلا يستطيع الشاعر أن يبح بكل ما فيها بشكل مباشر و إنما عبر مسارب تعبر عن حيرة الذات و دهشتها تجاه ما يعتريها من أحوال تجاه بعض مواقف الحياة اليومية مثل الموت ، الحب ، دلائل الوجود ، وجود الآخر ، الصمت ، و هذه كلها ليست مشكلات حياة و إنما أسرار تكتسب معناها من تجربة حية يعيشها المرء و تتنوع من حياة لأخرى حسب فضاء الذات الذي تحياه ، و تجربة نجوم الغانم من التجارب الشعرية لها حضور فني عبر لغة متأنية أشبه بالنقش علي الحجر من قوتها وهدوئها، وهي معادلة صعبة لا تنجح فيها إلا موهبة حقيقية،  فهي شاعرة مغامرة في بناء القصيدة وشجاعة في تفتيت اللحظة إلي صور شعرية طائرة بحيث يغمرك بمطر من المشاعر القلقة المتحفزة، إنها كتابة مثيرة للدهشة بحق بتكويناتها الشعرية تمتاز بالنبرة الخفيضة ذاتها التي قدمت بها الشاعرة دواوينها السابقة، وهي نبرة تعيش في الظلال الهادئة وتهمس إليك من موقعها هناك بأمل أن تري مصدر الظل والحقيقة. تكتب نجوم الغانم عما عرفته وخبرته، ولهذا تجد أشعارها مشبعة بالتفاصيل الدقيقة التي تجعل العمل حيا وأليفا وصادقا، لا يتكرر، لأن تفاصيله لم تحدث سوي مرة واحدة مع شخص واحد.  

  و تكتب الشاعرة ما يأتيها من أحوال النابعة من التجربة التي عاشتها ، و نجد هذا في ديوان ( منازل الجلنار الذي صدر عام 2000) الذي يتحدث عن أحوال النفس تجاه تجربة موت الأحبة ، و لكنها لم تشر لذلك صراحة ، و تركت القصائد يسرد أحوال الذات بحيرة و دهشة و هي تري الموت كائنا حيا تعايشه و تراه يتسرب إليها خلسة في الأحلام و الرؤى و قراءة مفردات وعيها و تفاصيل العالم المعيشي من خلاله ، و الكتابة هنا كما في كل دواوين الشاعرة قراءة لوجودها الخاص و تعليق كياني علي ما تمر به من خبرات حية ، و هي تعلق علي ما تحذفه ، فلا تري من الضروري سرد ما حدث ، لأن المهم لديها ما خلفه " الحدث " في الروح و الكيان الإنساني ، و جعلها تري الأمور علي نحو آخر بفعل هذا الحدث/ الموت الذي يقوم بتحويلات عميقة و جذرية في رؤيتنا للعالم من حولنا ، و نجوم الغانم تحاول عبر دواوينها الاقتراب من مكنون ذاتها مثلما تحاول الاقتراب من حقيقة ما يجري لروحا و للعالم من حولها ، و كما هو واضح في قصائدها تحاول ذلك بالاطلاع علي الثقافات الشرقية و الروحية و السيطرة علي النفس بتدريب الذات علي كل فنون قراءة الوجود و التحدث إلي الروح مثل الريكي و الكرما ، و بناء القصائد متأثر  بهما فتنفذ غلي التجربة مباشرة ، و لم يلتفت النقاد في تحليلهم لنصوصها لهذا البعد الروحي ، و جعلت الشاعرة تنظر بحذر لمن يربطها بالحداثة أو ما بعد الحداثة ، و هو إسقاط لما يحمله الناقد من مفاهيم علي النصوص بينما تشي التجربة التي تشير بها النصوص إلي أن الكتابة طقس من طقوس الذات السحرية لقراءة الحقيقة ، و يمكن تلخيص تجربتها الشعرية في أنها تقدم تجربة نثرية تعتمد شعريتها علي عمق و جوهر ما تقدمه من فضاء خاص ، و الشاعرة في ديوانها الأول " مساء الجنة الذي صدر عام 1989" كانت عقيدة الاستشهاد من أجل تغيير الواقع هي النموذج الشعري السائد في تجربتها آنذاك أملا في تخطي أزمة الواقع و قسوته ، و انتقلت في ديوانها الثاني " الجرائر الذي صدر عام 1991" إلي الباب الضيق للدخول لحقيقة الذات الإنسانية من خلال تفاصيلها الذاتية ، و عبرت فيه عن عنفوان العاطفة و الاندفاع و الطموح و الثورية و تسعي للتغيير في عالم استقرت فيه الرؤى ، و عرفت في نهاية هذا الديوان الطريق نحو مقامات الروح و أحوالها ، و ثمة زلزال عنيف اكتنف تجربتها في ديوانها الثالث " منازل الجلنار " و هو زلزال الموت الذي هز كل الثوابت المستقرة ، و جعلت نفسها تهاجر في تحولات جديدة يتلبس فيها الجسد حالات أخري في كل وقت ، و اشتد عمق الانقسام الداخلي ، و اشتد حضور الذات كنوع من المقاومة لطغيان الحزن ، و صارت ذات الشاعرة تنتقل من الآخر / العالم الخارجي ، و كل ما يختلف عن الأنا إلي صوت الآخر القابع في داخلها و صارت ترصد بالعين الثالثة القابعة في بصيرتها الداخلية ، و انتقلت من الحوار مع العالم إلي الحوار مع هذا الصوت الداخلي ، و هذا ما بدأت به ديوانها الرابع " لا وصف لما أنا فيه الذي صدر عام 2005" لأنها عبر هذه الرحلة الجمالية من الترحال من الانفعال بما يحدث في الواقع إلي حوار الذات مع الآخر / الحبيب /مفردات و تفاصيل الكون تنتقل للعالم الداخلي نتيجة لزلزال الموت ، كأن الموت ردها إلي داخلها لتصبح السارد لتجربتها و المخاطب معا ، لأنها في دواوينها السابقة كانت تتحاور مع العالم اليومي و مع الآخر و الكون فأصبحت تتحاور مع نفسها ، و يبدو ديوانها الأخير و كأنه عرض لدراما الذات في حوارها حول الموت ، الذي لم يعد هو غياب أحد الأحبة ، و إنما أصبح الموت يطالعنا في كل شئ ، و اتسعت أنثوية الكتابة لتصبح رحما يحتضن كل ما يدور في العالم ، و صارت الذات مرآة للوجود بكل ما فيه ، و لعل هذه نقلة جوهرية جعلت الشاعرة تتحدث في بداية ديوانها الجديد عن هجرات جديدة فتقول :
في الهجرات و تلويحاتها
......
كأنها الفراشة
حين تحترق أطرافها 
لمجرد التحليق قرب الموقد،
ومع هذا يقولون أنه قدرها.
كأنها ورقة سقطت 
في يوم خريفي عادي
دون أن ينتبه لترنحها المارة.
كأنها أنتِ
تنطفئين في زاويتك 
منذ مئة ليلة
وما من أحد يلتفت لبكائك.

في المقطع السابق يمكننا أن نكتشف ثلاثة أصوات داخل النص : صوت يعبر عن الصورة المتخيلة للذات و يتمثل في استخدام ضمير المتكلم , وآخر يعبر عن صوت السارد و يتمثل في ضمير المخاطب و ثالث يعبر عن صوت الشاعرة و يتمثل في ضمير الغائب ، و هذا خاص بتجربة هذا الديوان ما عدا القصائد الأربعة عشر الأخيرة من ديوانها " لا وصف لما أنا فيه " التي تقدم تجربة مغايرة لأنها تقدم قراءة جديدة للذات عبر تمثلها لصورتها لدي الآخر /الحبيب و كيف تغيرت و تحولت عبر سنوات العمر إلي صورة لم تكن واردة في مخيلة الذات في دواوينه الأولي لقد فتشت عن صورتها لدي الآخر الذي أحبته، فلم تجده، لكن لابد للحياة أن تستمر، وهي لا تستمر إلا بالمحبة والأمل والشعور بالالتزام في مواجهة الرتابة وانطفاء العشق والشقاء اليومي. هذه العذوبة التي تتجسد في الرضوخ لقانون الحياة، والأمل في تغييرها بالحب، هي ما يميز كل قصائد نجوم الغانم .
  و تتنوع حضور الأصوات الثلاثة داخل النص بدرجات متباينة ، فنجد تارة يشتد حضور صوت الشاعرة ، و تارة أخري يشتد حضور صوت السارد الذي يروي التجربة و ما تقع حواسها عليه و يخاطب الصورة المتخيلة للذات في صيغة تساؤل ملح و مؤلم و لا تنتظر منه الاجابة ، لأن الاجابة تجئ من صوت ضمير المتكلم فمثلا تقول الشاعرة بصوت الذات المتخيلة :
في تلك المدينة،
انتظرت طويلاً
أن يخلو مقعد لي لأجلس.

لأنها لا تجد مكانا في تلك المدينة الرافلة بالأضواء ، الأنيقة كتمثال تحت المطر لأن :
الرجفة فوق رئتي
تخزّ القلب كمسمار صدئ.
الكلمات مطوية بالشرائط
والجثة المنحازة للصمت
تكتفي بتأمل وقع الموت فوق وجوهنا.

و لعل تداخل الأصوات هو مفتاح الديوان و قراءة بحيث يفجر معان جديدة ، و في بعض المقاطع يجتمع حضور كل الأصوات معا مثل :
كل ليلة
تضيق الغرف.

كل ليلة
تتسع المتاهة.

و المتاهة هنا هي متاهة الروح التي تبحث عن اليقين بعد أن تبدلت الصور ، و تغيرت مواقع الأشخاص و زلزل الموت كل شئ ، و الموت هنا ليس موت الأشخاص فحسب و لكنه  أيضا موت العصافير التي تزرق عيونها عند الاحتضار ، و غياب كل شئ : المشاعر و اللحظات الثمينة ، و اكتشاف الأماكن و مفردات الكون و تفاصيل الليل و النهار و المطر و الحكايات ، ليحل محل الموت و الغياب الترقب و الانتظار و الخوف الذي لا يشبهه أي خوف أنه خوف الأطفال من العتمة في انتظار من يجئ ليحكي حكاية تنير تلك العتمة لتتحول كغيمة تملأ السماء بحركة الحياة ، إن صوت الشاعرة يجمع بين الوجدان و الوعي في صيغة شعرية تجسد أزمة الذات في زمان نفسي ممتد نستمع إليها تقول :
هاهو أسبوع آخر
يرشو آلامنا
كي تستكين في التبدد

        و  ينتمي عنوان الديوان الأخير ( لا وصف لما أنا فيه ) للأصوات الثلاثة في الديوان ، و هو عنوان يبدأ بأداة النفي (لا) ، كأن الشاعرة تخرج نفسها من التصنيفات الجاهزة ، و الكلمات المكررة المعدة من قبل ، و  تدعو القارئ إلي أن يشارك الشاعرة تجربة الديوان ، و لا يستمع إلا لصوت قلبه ، و هو يقرأ الديوان ، و عنوان الديوان غير متضمن في عناوين قصائد الديوان كما هو متبع عادة في اختيار عنوان الديوان من عناوين القصائد و هذا يبين أن هذا العنوان وصف لطبيعة و معني الكتابة الشعرية و تجربته أيضا .
و في هذا الديوان هجرت الشاعرة الواقع اليومي الذي كان يحتدم الصراع معه في ديوانها الأول  و رحلت إلي عالم الذات و الأحلام ، و اعتمدت علي تقنية الحلم في بناء قصيدتها و اعتمدت علي مشاهد الطبيعة الصامتة لتستنطقها بما تشعر به و لذلك تقول :
تذكّرتُ حلم البارحة:
سقطت الحمامة 
بين كفيّ الراجفتين
انتفضت حتى آخر ريشة 
على قلبها
تذكّرتُ كيف أنها ذرفت دمها 
في حضني
ثم انتصبت لتلقي نظرة أخيرة
على المكان
وطارت.

و هي صورة الذات الذبيحة من الألم تنتفض حتى آخر رمق و تزرف دمها و هي تطير في فضاءات الروح و أحوالها و تحيط بها أزمنة خاصة مثل الخريف فتقول :
غدا أول الخريف،
بداية جراح الأشجار
وتألم العصافير.

فالمكان تحول إلي فضاء خاص لصورة بصرية لتجسد حالات الذات ، و صار الزمان تجسيد لفصول الموت التي تسقط فيها أوراق الأشجار و تألم العصافير ، هذا الحزن الشفيف هو دافع الكتابة ، حيث تمسك بالقلم لتعيد بناء ذاتها و ترتيب مفراداتها وفق منطق خاص تمليه الحالة التي تشعر بها و تتحول روحها لتكون نبتة الياسمين التي تسكن في زاوية النافذة ، و تكون الحمامة التي تزرف الدم ، و ورقة الشجر التي تسقط من برد الشتاء تعاني آلام الرئتين ، و الذات و هي تتحول بين مفردات الطبيعة تري البشر في صورة نماذج لحلول مرفوضة ، بمعني أنها رفضت منطق استهلاك الجسد في اللذات و استهلاك القصائد للشهرة و الحضور الكاذب ، فتذكر هذا صراحة في الديوان من خلال صورة متخيلة فتقول :
المرأة الغريبة
بزنارها الذهبي 
وحقيبتها المكتنزة بالأشعار
جاءت تبحث عن هدأة الأمكنة
والزرقة الممتدة للشواطئ.
في أول شتاء أغوت الفتيان
مؤرخة على شفاههم
أولى عبارات العشق
وفي آخر شتاء كانت قد شاخت.
لسنوات سار في أعقابها الأطفال
مرددين وعيد أمهاتهم.
سرق بعضهم الدواوين
رشق آخرون عشاقها
وهربوا قبل أن يلتئم الليل.

في هذا الصباح
شوهدت تتدلى في مياه البحر
وعلى ساقيها خُطت القصائد.

فهي تقاوم هذه الصورة كخيار ممكن و لكنه زائف يقتل الروح و الشعر و لا يتبقى منه سوي حكايات ، و تنتقل الشاعرة إلي نوع آخر من الغربة و هو غربتها في الوطن الذي أصبحت تشعر فيه أنها زائرة و ليست مقيمة فتقول :
زوار مدينتا الذين قدموا
البارحة فقط
عمّدوا طائراتهم الورقية
أغدقوا الفضاء بالألوان
ظننا أننا مدعوين
حتى أوقفنا العسكر على غفلة.

كانت طفلتي تنظرني
وتتألم.

 و هناك لحظات تتوقف فيها الشاعرة  عن التفكير من خلال الأصوات الثلاثة و يغمرها شعور مباشر و جارف كالموج الهادر لا تستطيع أن توقفه فتقول :
قلبي يهوي
كالصخرة المندفعة في الهواء
دون أن توقف انتحارها مشيئة.

قلبي يترجل في الحزن
وما من بارقة للنجاة

و هنا لا تعبر عن نفسها فحسب بل تعبر عن ذوات وحيدة تشاركها شعورها فتقول :
على المقهى الرصيفي
تحدثنا قليلا
راقبنا العربات وسائقيها،
المارة،
والمترجلين.
كان علينا احتساء قهوتنا سريعا
قبل أن تتدحرج أمواج الليل صوبنا
وتضيّعنا أبواب المدينة الغريبة.

.....
استترت الجزر خوفاً من خناجر القراصنة.
حوّمت النوارس فوق رؤوسنا
وأغرقتنا الأساطيل المكتظة في خليجنا.

و المدن هي أمكنة داخل الذات كقارات قديمة تجسد الحلم القديم في الحب ، هذا ما تقدمه أيضا عن المدن التي زارتها تتأمل فيها اللوحات الفنية ، و وجدت في المدن ذاكرة المتعبين من خلال متاحف الأعمال الفنية التي تسجل ذاكرة الألم البشري في صراعاته المختلفة ، و هي لا ترصد هذه اللوحات و لكن ترصد انطباعها في القلب ، و لا يقدر أن يمحوها شئ و تطاردها في يقظتها و منامها ، فم نقرأه أو نشاهده من أعمال فنية أو نستمع إليه و هو يخاطب كياننا الحقيقي يبقي في داخلنا كأنه جزء منا تقول الشاعرة :
ماذا أقول لهم
وهم يوقظونني في كل ليلة
على نشيج الأنجم
وعذابات الأرغنات.
بماذا أرشوهم
ليبتعدوا عن نافذتي
لليلة واحدة
أو 
نصف ليلة.

وهل هذا  الديوان  يعبر عن تجربة جيل بكامله  اتخذ من الصدق و الاعتراف وسيلة للكتابة ؟ هل تمثل هذه الكتابة بحثا عن طريق تحقق الذات بعد أخفقت كل الحلول ؟ هل الشاعرة تريد أن تقول عبر الأقنعة الثلاثة أن التجربة المعاصرة للإنسان لا يمكن رؤيتها من زاوية واحدة ، و لكن من عدة زوايا ؟ هل تأكدت الوحدة بعد أن ضاعت صورتها لدي الآخر الذي التهمه النموذج الاستهلاكي السائد ؟ هل صار موقع الذات هو سجن الغرفة الذي يتكرر ذكرها في الديوان ولها نافذة وحيدة للرؤية ؟ هل صار الصمت مرادفا للكلام في عالمنا العربي ؟